المجد لله في الأعالي
وظهر بغتة مع الملاك جمهورٌ من الجُند السماوي مُسبحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة ( لو 2: 13 ،14)
إن الملائكة مشغولة بذلك الوليد المجيد، ومفتكرة فيه، فلم تنشغل بالشر والخطية، ولا وجَّهت فكرها إلى الإنسان، ولم تتكلم عن قساوة هؤلاء الناس وعدم إنسانيتهم في تركهم هذا الطفل الصغير يُوضع في مذود، بل انشغلوا بيسوع ورأوا الخليقة تُعتق من الشر. وما أهم هذا المبدأ وما أسماه. إن الافتكار بيسوع والمشغولية به له من القوة ما يجعلنا ننسى الخطية، ويعيننا على التخلص والتحرر منها ومن سواها، وهذه هي الواسطة الوحيدة التي تحفظنا من الشر، وتحرسنا من الافتكار بالأمور الأخرى. فما عليَّ إلا أن أفتكر بيسوع وحده وأنشغل به، وهذا لا يُستفاد منه بأني قاسي القلب، جامد الشعور، حاشا وكلا، بل معناه أني وجدت غرضاً ملأ قلبي، غرضاً كان خليقاً أن يكون موضوع مشغولية هذه الخلائق السماوية، غرضاً يحفظ نفسي من الانحناء تحت ثقل الخطية.
إننا لا نرى في هذا المشهد إلا النعمة بملء جمالها وكمالها، صحيح أن الشر لم ينقطع، والجنة الأرضية لم ترجع، لكن لي أن أنشغل بمحبة الله وأراها قد تسامت فوق الخطية التي ظهرت في منتهى شناعتها.
يا ليتني أتأمل في المذود أو في الصليب، فأشاهد جيداً كراهة الإنسان لله. وهناك أعاين الخطية في أتم شناعتها ومنتهى سماجتها وغاية هولها. ولكن من الوجهة الأخرى، يمتلئ ناظري وتحدق عيني في الصلاح والجود، في النعمة ومحبة الله التي تعالت فوق هذه الخطية وفاضت جداً، فتظفر نفسي بالعتق والتقديس والفرح. وهذا ما نشاهده في صغائر الحياة وتفاصيلها. ما أكرم هذا وأنفسه للنفس! فقوة يسوع هي التي تعتق النفس وتحررها، والإيمان يأتي بيسوع في وسط الهموم والأحزان، وسط الصعوبات والضيقات، وسط البلايا والرزايا. الإيمان يظفر بالقوة في يسوع، والقلب يحظى بالراحة فيه.
يا ليتنا كلنا نجد راحتنا فيه، وهذا لن نستطيعه طالما نحن موجودون في وسط الخطية، لكن لما نجد الرب يسوع في مكان الخطية في هذا العالم ونشخص إليه، يحظى القلب بالراحة. وهذا الحق يصدق على كل ظروف الحياة ويسد كل أعواز القلب. يا ليت الرب يهبنا نعمة لكي نزداد وننمو في اختباره أكثر.