إن الروح القدس هو الذي يعطي للسجود المسيحي طابعه، كقول الرسول بولس: «نحن الختان الذين نعبد الله بالروح (أو بحسب الترجمة الأدق "نسجد بروح الله")». وهذا السجود بروح الله، تميزه بعض الأمور:
* في المزمور التاسع والعشرين، يطلب داود من أبناء الله (الملائكة) أن يسجدوا للرب في زينة مقدسة. وهكذا علينا الآن، نحن الساجدين الحقيقيين، أن نَمثل أمامه في زينة مقدسة، أو زينة القداسة. أن يرتدي المرنمون زيًا معينًا فيه إرجاع الزمن إلى الوراء، فالله روح، يريد زينة القداسة لا زينة الثياب الخارجية. ولن يمكننا أن نحصل على تلك الزينة المقدسة إلا بعمل الروح القدس فينا. وعليه فما لم يميزنا القداسة في سلوكنا في الخارج، لن يمكننا في الداخل أن نقدم سجودًا بالروح القدس.
* ولقد طلب الله من الكهنة في العهد القديم ألاّ يلبسوا ما يعرِّق ( حز 44: 18 )، فعمل الكهنة، يجب ألا يرتبط بإفراز الجسد. وهذا معناه أنه لن يمكننا أن نقدم السجود بقوة الجسد أو نشاطه، فمجهودات الإنسان الطبيعي مرفوضة عند الله، مثل قربان قايين تمامًا، فكيف يقدم الجسد سجودًا لله؟
* قديمًا كان شرط المذبح الذي يُقدم عليه السجود، بحسب ما ورد في خروج20: 24- 26 أن يكون من تراب (التواضع)، وألا يكون من حجارة منحوتة (مجهود الإنسان)، وألا نصعد عليه بدرج (الكبرياء) كيلا تنكشف عورة الإنسان عليه. يقول النبي: «أما الرب ففي هيكل قدسه، فاسكتي قدامه يا كل الأرض» ( حب 2: 20 ). فليس للإنسان الطبيعي أن يقتحم هذا المجال المقدس.
* طلب الرب في العهد القديم أكثر من مرة، أن يتم خلع الأحذية من الأرجل في محضره ( خر 3: 5 1كو 1: 17 ). والمعنى الروحي لذلك، أن كل ما يلامس هذا العالم ينبغي نبذه ونحن في محضر الله القدوس. في شريعة البقرة الحمراء، كان يُطرح في حريق البقرة خشب الأرز والقرمز والزوفا، أي أشياء العالم العظيمة والوضيعة على السواء. فليس شرور العالم يجب أن نرفضها فحسب، بل فلسفاته وحكمته أيضًا (1كو1: 17- 25؛ 2: 4، 5 ؛ كو2: 8، 18، 23).