يختلف هذا السفر كثيرا عن بقية أسفار العهد القديم، فهو يتغني بعلاقة حب عاشقين، ومن المحتمل أن يكون عبارة عن تجميع مختارات من الشعر الغنائي وليس لسليمان كما يقال.
وهناك طريقتين أساسيتين لفهم هذا السفر وهما:
1- الطريقة الرمزية :
عند اليهود يرمز السفر إلى علاقة الله وشعبه إسرائيل. وفي المسيحية يرمز إلى العلاقة بين المسيح والكنيسة. وهناك تفسيرا آخر ظهر عند المسيحيين المتصوفين يري أن العلاقة بين العاشقين ترمز إلى العلاقة بين الشخص والله، واتحاد النفس بالله. ومن أشهر المفسرين تفسيراً رمزياً أكليمندس الإسكندري وأوريجانوس.
2 – الطريقة الحرفية :
يرجع هذا التفسير إلى القرن الرابع وإلي مدرسة انطاكيا، فبالنسبة ليتودور لم يكن نشيد الأناشيد سوي مجموعة من الأغاني «أغاني الحب» ويقول العلامة رولي «لا يوجد شئ يبرر التفسير الرمزي». فيمكننا قراءة السفر كله دون أن نجد فيه ما يشير إلى معانٍ من تلك التي وجدها أنصار التفسير الرمزي.
ويقدم لنا سفر النشيد صورة للحب الجسدي، و يعترف بقدسية هذا الحب، كما أن الكنيسة تعترف بهذه القدسية بقدر ما تعتبر الزواج سراً مقدساً. وفي التفسير الحرفي نجد أن الحبيب يعبر عن شعوره لحبيبته، وهذا يعتبر تقدما في اللاّهوت اليهوي، فهو لا يقف فقط عند تقدير الحب الجنسي بل يتغني به. والفكرة المتكررة في النص هي جمال العلاقة الإنسانية بين شخصين يتحابان، والمحبة هي جنسية إنسانية مرتبطة بالمشاعر والعواطف كما نجد ذلك في نش ( 4 : 10 – 11).
الفكر اللاّهوتي في سفر النشيد :
يمكننا توضيحه من خلال أربعة نقاط هي :
1- حدة المشاعر .
2- فرادة العلاقة .
3- ألم الغياب .
4- قوة الحب الدائمة والمستمرة .
أولا: حدة المشاعر
نش 2: 1،5: 10-16، 7/: 1-6).
الكلمات في هذه النصوص تعبر عن المشاعر، فهو يشبه أعضاء الجسم بأشياء جميلة كانت معروفة في ذلك الوقت، واللغة التي يستعملها الكاتب هي لغة حب ينمو ويختار الصفات ليعبر عن إعجابه عن اللذة التي يجدها في حضور حبيبته مبتدئا من القدمين ليصل إلى الرأس. فهو يعطي كل التفاصيل ورغما عن ذلك فالكلمات عاجزة عن التعبير. وفي النص (5 : 10 – 16) نجد نفس التعبيرات من جهة الحبيبة.
ثانيا : فرادة العلاقة
النشيد يقصد العلاقة بين متحابان يعبران عن علاقتهما " أنا لحبيبي وحبيبي لي. 2:16 "وهذه العلاقة خاصة بهما .
ثالثا : آلم الغياب
يتكلم الكاتب عن مرض الحب نش "2 : 5 "، فالمصابون بمرض الحب يختبرون بعدين هما الألم والفرح .فعندما يفترقان يشعران بألم الفراق" نش3 :41 فخبرة الحب مزدوجة، حدة فرحة اللقاء، وشدة لوعة الفراق. فهناك رغبة في الاتحاد وفي نفس الوقت هناك آلما.
رابعا : قوة الحب الدائمة والمستمرة .
العلاقة التي بين المتحابان، ليس جنسية فقط لكنها مستديمة وقوية ومخلصة، حتى وان كان النص لا يقول انهما متزوجان، لكن من الواضح انهما متحابان وان حبهما اقوي من الموت. نش 8 : 6 – 7 ". فالمحبة تدوم إلى الأبد، المحبة لا تسقط أبدا.
الخلاصة :
يتكلم النص عن استمرارية الحب رغم الفراق والألم، فهو لا ينوه عن الاختلاط أو البحث عن طرف آخر في غياب الحبيب، بل يتكلم عن المثابرة ومداومة هذا الحب فهما يعيشان حبهما بكمال وطهارة بواسطة حضورهما معا أو غياب أحدهما عن الآخر.
ويظهر الكاتب أن الوفاء هو الطريقة التي يمتلك بها كل منهما الآخر " أنا لحبيبي وحبيبي لي "
وهو أساس التأكيد بعدم وجود أي قوة تستطيع أن تدمر هذه العلاقة