ما هي الأدلة على أن الكتاب المقدس متضمن الوحي ؟
: لقد سبق وبينا إمكان الوحي ، وعرفنا ما هو الوحي ، ولنتقدم الآن إلى أن الله قد أوحى إلى البشر خلافاً لقوم من العقليين الذين أنكروا ذلك الدين ، أنكروا ذلك ، وأن ما أوحي له متضمن في الكتاب المقدس ، وذلك بالأدلة الآتية
. - إدعاء مؤلفي الكتاب بأنهم رسل الله ، ومخولون باسمه وسلطانه أن يطلبوا إلى الناس أن يقبلوا تعليمهم إطاعة لمن أنزله عليهم . فيلزم عن عدم تصديق دعواهم أنهم إما مجانين ، أو كذبة ، وكلا الأمرين باطل ، ومحال ، بدليل ما تبين لنا من حكمتهم ، وتقواهم ، وما صنعوه من الآيات لإبات رسالتهم
. - عدم تضمن الكتاب ما يناقض إدعاءهم أنهم من الله . لأنه ليس فيه ما هو مستحيل الوقوع أو مضاد للعقل أو الآداب ، أو لحقيقة مسلم بها عموماً . فلا يمكن أن يكون إختراع البشر ، ويسلم من كل هذه الشوائب نظراً إلى الأحوال التي كتب فيها
. - تضمنه حقائق سامية لا تعرف إلا به تكفي حاجات طبيعتنا ، وتحل كل ما عجزت عقول البشر عن حله من المشاكل والمعضلات . نعم ، وهو يصادق على كل ما تشعر به ضمائرنا وطبيعتنا الأدبية ، ويوافق نفوسنا ، كما يوافق الهواء الرئتين ، وكما توافق حرارة الشمس أرضنا ، بل أن نفس الإنسان بدون معرفة حقائقه ، كالأرض بدون هواء ، ولا شمس
. وهو يخبرنا هن شخص المسيح وأعماله وأقواله ، وهو أسمى إعلانات الله للبشر ، وأوضحها ، بل هو الله منظوراً ، وأقواله هي أقوال الله ، وكذلك أعماله
. - ما فيه من وحدة المعنى مع التقدم في إيضاح الموضوع . فإن أسفاره قد كتبت في أزمنة متنوعة في أثناء ألف وست مائة سنة ، بواسطة نحو خمسين شخصاً ، ومع ذلك كل من يطالعها بالتدقيق يراها كتاباً واحداً ، كأنها تأليف شخص واحد ، ناشئ عن عقل واحد . فيرى فيه أن العهد الجديد يبين إتمام النبوة الأولى أن نسل المرأة يسحق رأس الحية ، وأن نسبة ما بين النبوة فيه وإتمامها إليهما كنسبة الساق إلى الأغصان والورق إلى الجذور ، بحي لا يمكن فهم جزء من الكتاب وحده أكثر مما يمكن معرفة غصن من الشجرة ، أو عضو من الجسد بدون إعتبار نسبته إلى البقية
. - ما فيه من النبوات والعجائب . قد شهد الله لوحي كتابه بآيات وعجائب ، ومواهب روحية ، وأكر ما جاء في العهد الجديد تنبى عنه في العهد القديم ، وما بين نبوات العهد القديم وإتمامها في العهد الجديد من الإتفاق يدل على أنه من الله ، وأن كتبته تكلموا مسوقين من الروح القدس ، وعجائبه هي حوادث تاريخية تثبت بما تثبت به حوادث تواريخ العالم ، وهي مرتبطة به ، فلا يمكن إنكارها بدون إنكاره ، وإنكاره هو إنكار أثبت الحقائق في العالم
. - تأثيره العظيم في العالم من إصلاح الناس وتهذيبهم ، ونحو ذلك . فإنه منذ القدم والبداية ، كان له تأثير عظيم في العالم ، ولا يزال . فهو سبب مجرى الأمور على ما جرت عليه وقلب الأديان الفاسدة ، وعلة التمدن ، وقوام السياة والتقوى ، والعدل ، والحرية ، وكل ذلك ، إنما هو لكونه كلمة الله الحية ، كما صرح كتبته الأطهار
. - الكتاب المقدس على ما هو عندنا هو نفس الكتاب الذي صدر من أيدي الكتبة الأطهار ، ما عدا ما طرأ عليه من التغيير الطفيف جداً من غفلة النساخ مما ينتظر وقوعه ، غير أنه لا يمس جوهره على الإطلاق . وهو منسوب نسبة صحيحة إلى كتبته الذين من موسى إلى يوحنا أثبتوا رسالتهم بالمعجزات والآيات ، وبسيرتهم الحسنة وبمعرفتهم الروحية ، وقد تبين بياناً كافياً عدم تزويره ، ولذلك نعتقد بكل حق وصواب أنه متضمن ما أوحى به الله لعباده
. - لما كان الكتاب المقدس قد صدر من أيدي كتبة من البشر ، لا بد أن الذين كتبوه كانوا إما صالحين ، أو طالحين ، فالثاني باطل ، لأنه لا يمكن صدور نظيره من الأشرار لما يحويه من مقاومة كل نوع من الشرور ، وإعلان أسمى مبادئ الحق والآداب ، والإعلانات الفائقة الطبيعة عن الله ن وأعماله ، وكشف إرادته ، وما ينشأ عنه من التأثير الشديد في قلوب البشر ، والفعل العظيم في تربيتهم في كل صلاح ، وإعدادهم للحياة السماوية الطاهرة . والأول ( أي نسبته إلى أناس صالحين ) يلزم عنه وجوب التسليم بأنهم ملهمون وموحى إليهم حسبما صرحوا بذلك . والخلاصة أن الكتاب المقدس يتضمن الوحي ، لا محالة